جوهرة زراعية عيار 24 قيراط

شجرة سهلة النمو، قليلة المتطلبات الزراعية، ثمارها تحوي فوائد لا تُحصى من علاج السكري وحرقة المعدة المستمرة والسمنة… هي شجرة الخروب Ceratonia siliqua المنبثقة من منطقة البحر الأبيض المتوسط و التي أصبحت أساساً لكثير من العلاجات الطبية الطبيعية و العمليات الصناعية الغذائية. نعالج في هذه السلسلة من المقالات كل ما يتعلق بزراعة هذه الشجرة، فوائدها، و كيفية صنع دبس الخروب.

شجرة الخروب لها جذور عميقة في التاريخ إذ يُعتقد بأن يوحنا المعمدان اقتاط على لحم قرون الخروب خلال رحلته الطويلة عبر الصحراء. لعب الخروب دورًا رئيسيًا في الحروب المختلفة إذ تم الالتجاء اليه في فترات المجاعة و الفقر لأنه غني بالمغذيات و موجود بوفرة. بصرف النظر عن قيمتها الرمزية ، كان لهذه الشجرة دوراً عملياً لا يزال معروفاً حتى اليوم. ففيما لا يتغير حجم ووزن بذرة الخروب، تم استغلال هذه الخاصية في مناجم الذهب والألماس حيث تم اعتماد 24 حبة خروب لتصنيف ماسة عيار 24 قيراطًا. أما في أوروبا ، فقد تم استخدام طول بذرة الخروب لتطوير مقاسات الأحذية. الحجم 37 ، على سبيل المثال ، هو طول 37 حبة خروب.

الخروب شجرة دائمة الخضرة تنتمي الى فصيلة البقوليات. تعيش بشكل طبيعي في المنطقة المتوسطية، أي حول البحر المتوسّط حيث يتم استخدام ثمارها لأغراض جمة نذكرها في تتمة المقال. يصل ارتفاع الشجرة ما بين 15 و 17متر فيما تتكون الأوراق من عنق طويل يحمل 6 الى 10 ورقيات جلدية خضراء داكنة يبلغ طولها من 2.5 الى 6.25 سم.

أما الازهار الإناث، فحمراء صغيرة فيما الذكر أكبر حجماً تنبعث منها رائحة كريهة. تزهر الشجرة للمرة الأولى بعد حوالي 6 سنوات من الزرع و تمتد فترة الإزهار من شهر أيلول إلى تشرين الثاني. تبدو القرون بنية اللون أو حمراء داكنة مستطيلة الشكل فيما يبلغ طولها من 10 الى 20 سم و عرضها من 1 الى 2.5سم. تحتوي هذه الثمار على نسبة عالية من الألياف و عادة ما يكتمل نموها بعد 11 شهراً من العقد حيث يبلغ عدد البذور عدد يتراوح بين 10 و 15 بذرة، بحسب الصنف.

يتكاثر الخروب عن طريق البذور إذ يتم تطعيم الشجرة عندما تبلغ من العمر سنة. أما فيما يخص الزرع، فيتم بين شهر تشرين الثاني و شباط، مع ضرورة التزام مسافة 7 الى 9 متراً بين الشجرتين.

المناخ المناسب لزراعة الخروب متوسطي كما تم الذكر آنفاً. فعند تعرض شجرة الخروب للصقيع ضمن درجات حرارة -2 و 4 الى 4 درجات مئوية. ينتج عن ذلك خسارة المحصول و موت الأفرع. لذلك، تتركز زراعة الخروب على الساحل ما دون 600 متر فوق سطح البحر، حيث نجد أن الحرارة المثلى لنمو و ازدهار شجر الخروب تتراوح بين 20 و 30 درجة مئوية.

بعد زراعة نصب الزيتون، لا بد من ري الشجر خصوصاً خلال السنة الأولى فيما ينصح بالري لعدة سنوات بعد الزرع.

أما بالنسبة للتسميد، يعتقد الكثير من المزارعين بأن الخروب شجرة حرجية و بالتالي لا تتطلّب أي نوع من التسميد. غير أن سنوات من التجارب و الخبرة في زراعة الخروب توصلت الى الاستنتاج التالي: اعتماد السماد المركب 12/11/18 من شركة يارا شتاءً بمعدّل 2 الى 4كغ للشجرة الواحدة (بحسب عمر الشجرة) يعطي نتائج ملحوظة لا سيما على صعيد حجم الثمار و تجانسها. أما في الربيع، فزيادة 1 كغ من سلفات الامونياك يساعد على رفع المساحة الخضرية للشجرة.

لا بد من التنويه على أن شجرة الخروب لا تحتاج الى الكثير من العناية بعد الزرع؛ فإزالة الأغصان اليابسة و المتشابكة يُعدّ تقليماً كافياً.

ما هي أبرز الأمراض التي تصيب شجر الخروب؟ ما أكثر الأصناف المعتمدة في لبنان؟ نجيب عن كل هذه الأسئلة و غيرها في الجزء الثاني من سلسلة الخروب.