البوليمر فائق الامتصاص لمواجهة تحديات الجفاف

مع استمرار نمو السكان في العالم، تظل الزراعة من القطاعات الأساسية، يدفعها الطلب المتزايد على الغذاء. ومع ذلك، تواجه هذه الدائرة الحيوية العديد من التحديات، لا سيما تأثير الكوارث الطبيعية، لا سيما الجفاف. هذا التحدي لا يؤثر فقط على المزارعين بل يؤثر أيضًا على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في بلدانهم. لمواجهة التداعيات الخطيرة لضغط الجفاف، يظهر استخدام البوليمر فائق الامتصاص كحلاً محتملاً.

البوليمر فائق الامتصاص، المعروف أيضًا بالبوليمرات الممتصة للماء، يُعتبر تعديلاً فعّالًا للتربة، حيث يعزز صحة التربة من خلال تحسين احتفاظ بالماء وتوفر الرطوبة. يتمتع هذا البوليمر بالقدرة على امتصاص كميات كبيرة من الماء، مُطلقاً تلك المياه تدريجياً إلى جذور النباتات مع الوقت.

أظهرت الدراسات الشاملة طبيعة غير سامة وصديقة للبيئة لهذه المواد. فهي لا تترك أي أثر سلبي على التربة الزراعية بعد الاستخدام، ولا تعيق نمو النباتات أو الكائنات الحية، ولا تؤثر على المياه السطحية أو البشرية. بالإضافة إلى ذلك، فهي لا تشكل أي تهديدات لصحة الإنسان أو حياة النباتات أو سلامة التربة أو البيئة.

يقدم استخدام البوليمرات فائقة الامتصاص الفوائد المتعددة. فهي تعزز مسامية التربة وترفع قدرتها على الاحتفاظ بالماء، وتقلل من فقدان النيتروجين بنسب تصل إلى 45%. تتميز هذه المواد بخصائصها عديمة الرائحة واللون، ولا تلوث التربة أو المياه أو أنسجة النبات. عند ملامستها للماء، تتحول إلى هلام يحتفظ بالماء والعناصر الغذائية الأساسية. من المهم أن نلاحظ أن البوليمرات فائقة الامتصاص تكمل ولا تحل محل المواد الكيميائية أو الأسمدة أو الري. إنها تعزز قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء والعناصر الغذائية الأساسية، مما يمنع الهدر والتسرب.

خلال فترة تتراوح ما بين 5 إلى 12 عامًا، تتحلل هذه المواد تدريجياً بفعل الأحياء المجهرية وتأثير أشعة الشمس، وتعود إلى عناصر غير ضارة مثل الماء وثاني أكسيد الكربون والأمونيوم، دون ترك أي بقايا في الطبيعة.

يعرض استخدام البوليمر فائق الامتصاص في الزراعة العديد من الفوائد:

• تحسين خصائص التربة الهيدروفيزيائية
• الحد من جرف التربة
• التقليل من فقدان الماء من خلال تحسين القدرة على حفظ الماء
• تقليل تكرار وتكاليف الري
• تحسين امتصاص النباتات للعناصر الغذائية والماء
• تقليل تسرب المبيدات وتصريف الأسمدة
• تحفيز نمو النباتات وزيادة الإنتاج الزراعي

كمية البوليمر فائق الامتصاص المطلوبة تعتمد على عدة عوامل مثل نوع البوليمر، نسيج التربة، نوع النباتات والظروف المناخية في المنطقة. على سبيل المثال، تتطلب التربة الطينية كمية أقل من البوليمر مقارنة بالتربة الرملية أو الطينية العالية، نظرًا لانخفاض نسبة مساميتها. لذا، تظهر التربة الرملية استجابة أفضل من التربة الطينية لتطبيق البوليمر فائق الامتصاص. كما يزداد استهلاك هذا النوع من البوليمر في المناطق الحارة والجافة مقارنة بالمناطق الرطبة والمعتدلة. ومع ذلك، يُحذر من الاستخدام المفرط، حيث يمكن للمادة أن تتضخم نتيجة امتصاص الماء وقد تسبب اختناق جذور النباتات.

يُنصح بدمج البوليمر فائق الامتصاص في التربة أثناء تحضيرالأرض أو خلطه مع مياه الري للتطبيق المباشر حول منطقة الجذور. من المهم ضمان خلطه جيدًا مع التربة وتجنب استخدامه على سطح التربة لمنع تحلله السريع نتيجة التعرض لأشعة الشمس والأشعة فوق البنفسجية.